اقرا ايضا


سيرا على دأبه المعتاد، نظم مختبر السرديات والخطابات الثقافية، يومه الجمعة 22 فبراير 2019 بقاعة الندوات عبد الواحد خيري بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، ندوة علمية تأتي استمرار لسلسلة من الندوات التي يعقدها المختبر في مجال منهجية البحث الأدبي العلمي وتقنياته، تقييما لمنجزات الطلبة الباحثين في سلك الدكتوراه، وتقويما لمختلف النقائص التي قد تطوله موضوعا ومتنا ومنهجا، طلبا لتجويده والرقي به إلى أحسن مستوى ممكن.

وفي هذا الصدد تأتي هذه الندوة المعنونة ب"الرواية والمقاربات النقدية"، لتواكب مشاريع أطاريح الدكتوراه قيد الاشتغال، انطلاقا من تتبعها عبر تقارير دقيقة تقدم تصورا للبحث. وقد يسّر أشغال الندوة سالم الفائدة،حيث استهل اللقاء العلمي بالتأكيد على أهمية البحث وضرورة الالتزام بضوابطه بغاية بلوغ نتائج حسنة ومرضية. ولتعميق النقاش في هذا الصدد، فقد وزع الميسر المداخلات على الأساتذة المشاركين كما يأتي:

افتتح لحسن التوبي،هذا اللقاء، بمحاضرة افتتاحية استهلها بالحديث عن ضرورة إرساء قواعد وأخلاقيات البحث العلمي الأدبي، درءا لكل خلل منهجي أو أخلاقي قد يسوء للبحث والباحث معا. وبذا فقد تركزت مداخلته على ثلاثة أبعاد ممثلة في البعد الأخلاقي، والمتعلق بتواضع الباحث ونكران ذاته والاعتراف لذوي الفضل بفضلهم على البحث. ثم البعدِ المعرفي المتصل بضرورة أن يقدم البحث إضافة معرفية وليس تكرار أو اجترارا لما سبق، يصير معه البحث كما عبر عن ذلك الناقد الإيطالي أمبرطو إيكو "مقبرة للمعرفة"، لا يقدم أية إضافة. وثالثا البعد القانوني الذي يرتبط بحقوق الملكية المعرفية، وحق أصحابها في متابعة الباحث قانونيا إن نسب أفكارهم لنفسه.

وقد ركز الأستاذ في هذا المقام، على أهمية الإحالة والتوثيق في تثمين البحث وإكسابه قيمة علمية مضافة، مشيرا إلى أن كل استشهاد يتم توظيفه يجب أن يتعامل معه المستشهد بنوع من الموضوعية، مما يفرض عليه أن يتفاعل مع الاقتباس بالدراسة والتعليق والمناقشة والتحليل، الشيء الذي يعينه على إثبات ذاته في البحث وحضوره بوصفه باحثا ذا فكر وبصيرة، ويسعفه على تجاوز مشاكل تراكم الاقتباسات والاستشهادات التي تلغي ذات الباحث وتنفي وجوده.

وبعد هذا المدخل العام، أعطيت الكلمة للطالب محمد أعزيز، لتقديم تقرير حول مشروع أطروحته التي تحمل عنوان "الرواية العربية والعرفان: مقاربة ثقافية"، حيث أبرز إشكاليته التي تشكل نواته، عبر مساءلة العرفاني في علاقته بالسردي لاستخلاص آليات التسريد فيه، واستجلاء الأنساق الثقافية ، والأفق الذي يمكن أن يفتحه البحث في هذا النوع من الروايات.

وحول هذا التقرير، قدم رشيد الإدريسي مداخلته، تصويبا وتوجيها، لمشروع الأطروحة المدروس، مبديا أهمية ما قدمه الطالب، من حيث حداثة الأطروحة موضوعا ومقاربة ومتنا، مما أكسب العمل جديته وأهميته، بل وقد يجعله، بتعبير الأستاذ، عملا تأسيسيا في هذا المجال. وعلى هدى من التقرير وجه مجموعة من التصويبات التي عنيت بتوجيه الطالب إلى البحث في أبعاد وعناصر موضوع التصوف، بوصفه موضوعا يضم مجموعة من المعطيات الثقافية والاجتماعية والسياسية المختلفة، بل والتاريخية أيضا، ولكل ذلك، يكون الطالب ملزما بطرْق هذه الجزئيات وتفكيكها للكشف عن آليات اشتغال التصوف في الرواية، وعن علاقة الكتابة بموضوع التصوف، وهذا من صلب اهتمامات المقاربة الثقافية التي يستعين بها الطالب لمساءلة موضوعه. كما أن الأستاذ وجه الطالب إلى الاطلاع أكثر على مؤلفات النقد الثقافي المقارن، حتى يتسنى له الاستفادة مما يمليه هذا التصور النقدي إغناء لمقاربته.

وفي السياق ذاته، اقترح الأستاذ الإدريسي في نهاية مداخلته بعضا من الأسئلة التي تفتح الموضوع أكثر وتغني إشكاليته، ومن تلك الاستشكالات والأسئلة: ما هو العرفان؟ وما هي حدود الوصل والفصل بين الرواية العرفانية والرواية التاريخية، باعتبار الراوية العرفانية تعود إلى حقب تاريخية متفاوتة وتستفيد من معطيات التاريخ، وهل علاقة التصوف بالرواية العرفانية علاقة ضرورة واقتضاء، حيث تقتضي الرواية العرفانية ملازمة التصوف من حيث كونه موضوعا تخييليا أم إن هناك محددات أخرى تلازم هذا النوع من الروايات؟

بعد ذلك تدخلت الأستاذة حليمة وزيدي بخصوص مناقشة الطالب الثاني في هذا اللقاء، وأشارت في البداية أنها تفاجأت باكتشاف سرقة علمية، حرفية، في كل الصفحات المقدمة.. لذلك أعلنت أنها، أخلاقيا وعلميا، لن تناقش هذا التقرير.

ثم أخذ الكلمة إدريس قصوري، باعتباره أستاذا مشرفا للطالب المعني، وعضو اللجنة العلمية للمختبر والتكوين حيث قرأ القرار التالي:



    بناءً على الأسس والضوابط والأعراف الأكاديمية والعلمية المتعارف عليها وطنيا ودوليا في شأن المعايير الأخلاقية والأمانة العلمية الخاصة بالبحث العلمي.

ولأن كل هذه الضوابط والمعايير ترفض الغش في كل المراحل وبأي شكل، وخصوصا في البحث العلمي الذي يعتبر أرقى مستويات التفكير البشري؛ فإن الطالب (ع.ز)، المسجل تحت رقم 16514244 بتاريخ 18 يناير 2017، ضمن تكوين دكتوراه تحليل الخطاب السردي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء في موضوع: " التخييل واشتغال الأنساق الثقافية في الرواية" تحت إشراف الأستاذ إدريس قصوري، قد قام بسطو فاضح  في تقريره خلال السنة الأولى والسنة الثانية، حيث  تم ضبط مجموعة من الخروقات لهذه الأسس وصلت بالطالب حد السرقة المكشوفة، للفكرة بالكلمات والجمل والفواصل والبناء العام  والمراجع.

وبعد اجتماع اللجنة العلمية لمختبر السرديات والخطابات الثقافية يوم الخميس 21 فبراير 2019 بكلية الآداب بنمسيك، تم فحص ومعاينة كل الوثائق التي تؤكد أن الطالب (ع.ز) في تقريره المقدم في التسجيل الأول والثاني، أو الذي أرسله للمناقشة خلال الندوة الثانية عشرة للمنهجية، قد سرقه حرفيا من تقرير أطروحة دكتوراه للطالب (م.ه) والتي تحمل عنوان أنساق ثقافية في الخطاب الروائي لعبد الله العروي نوقشت يوم الخميس 10 نوفمبر 2016 بكلية الآداب بنمسيك ضمن تكوين دكتوراه تحليل الخطاب السردي بلجنة متكونة من السادة الأساتذة: عبد الفتاح الحجمري وإدريس قصوري وشعيب حليفي وعبد الرحمان غانمي.

وبعد تقرير الأساتذة الذين أطروا لقاء الندوة الثانية عشرة للمنهجية، والمنعقدة بقاعة الندوات بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء يوم الجمعة 22 فبراير 2019، حيث كشفوا عن واقعة السرقة المشار إليها أعلاه.

فإن اللجنة العلمية لمختبر السرديات وتكوين دكتوراه تحليل الخطاب السردي تقترح عدم تجديد تسجيل الطالب (ع.ز) وفصله نهائيا، مع إخبار كافة تكوينات الدكتوراه بالجامعة المغربية بهذا القرار.



كتابة تعليق

ضع تعليقك هنا

أحدث أقدم