اقرا ايضا

نوقِشَت صَباحَ يوم الثلاثاء 27 جمادى الأولى 1439 الموافق لـ 13 فبراير 2018، برحابِ كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، أطروحة جامعية لنيل الدكتوراه، في وحدة التكوين: النص الأدبي العربي القديم، أعدَّها الطالبُ الباحث: عبد المومن زيطان، في موضوع: ” بَلاغة الدُّعاء في نماذج من الخطاب الصوفي ” بإشراف: الأستاذ الدكتور أحمد بوعود والأستاذ الدكتور عبد اللطيف شهبون.

وناقَشتها لجنة من الأساتذة الدكاترة تتكون من :

  • أ.د محمد عبد الواحد العسري: رئـيسا
  • أ.د أحـمد بـوعود: مشرفا ومقـررا
  • أ.د عبد اللطيف شهبـون: مشرفا ومقررا
  • أ.دة سـعاد الـنــاصر : عضـوا
  • أ.د أحمـد هاشم الريسوني: عــضــوا
  • أ.د عبد الرحيم الإدريسـي: عضـوا
  • أ.د مـصـطفى بــوجمعة: عضـوا


وبعد دفاع الطالب الباحث عن أطروحته – التي جاءت في (أكثر من 400 صفحة)- ومناقشة اللجنة لَه في الموضوع والعنوان والإشكال والخطة والمنهج والمصادر، امتدت لساعات طوال، مُنِحَتْ اللجنة للطالب الباحث عبد المومن زيطان درَجَةَ الدكتوراه في الآداب تخصص: النص الأدبي العربي القديم، بميزة مُشرِّف جدا.

وتقدم الطالب الباحث بتقرير موجز عن الرسالة العلمية المعروضة للمناقشة أمام لجنة علمية وحضور غفير من أساتذة وطلاب العلم وزملاء له، وأسرته الكبيرة والصغيرة؛ هذا نصها الكامل:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

يشرفني اليوم، السادة أعضاء اللجنة العلمية الموقرة أن أستهل هذا التقرير بتقديم امتناني الصادق، وشكري العميق، إلى الأستاذين الجليلين المشرفين على الأطروحة، الأستاذ الأديب الدكتور عبد اللطيف شهبون، والأستاذ الدكتور أحمد بوعود، على التوجيه السديد والتهذيب الدقيق والرعاية الفائقة، التي شملاني بها، وعلى ملاحظاتهما القيمة التي كان لها الأثر الكبير في إتمام هذه الأطروحة.

فالله، سبحانه وتعالى، أسأل لأستاذي الكريم الدكتور عبد اللطيف شهبُون عمرا مديدا وعطاء منه غير مجذوذ، وأن يديم عليه لباس العافية وموفور الصّحة وهو ولي ذلك والقادر عليه.

ولأستاذي الفاضل الدكتور أحمد بوعود مزيدا من التقدم العلمي والعملي والعطاء المثمر ومزيدا من الاحتضان العلمي لطلبته، إن ربي قريب مجيب.

كما أتقدم بخالص شكري وتقديري إلى أعضاء اللجنة العلمية المحترمة أساتذتي فضيلة الدكتور الأستاذ محمد عبد الواحد العسري، والأستاذة الفاضلة الدكتورة سعاد الناصر والأستاذ الدكتور أحمد هاشم الريسوني وفضيلة الدكتور مصطفى بوجمعة، وفضيلة الأستاذ الدكتور عبد الرحيم الإدريسي البوزيدي،  الذين عهدتهم أساتذة متمرسين في العلم والمعرفة، والذين تفضلوا بقبول مناقشة هذه الأطروحة وتقويمها.

وأتقدم بالشكر لكل من ساعدني للوصول إلى هذه المرحلة بالتشجيع أو النصح أو الإرشاد، كما لا يفوتني أن أشكر جميع الحاضرين الذين شرفوني بحضورهم.

وبعد، فإن البحث المسمى “بلاغة الدعاء في نماذج من الخطاب الصوفي بالمغرب” هو دراسةٌ تبتغي تحقيق غايات أذكر أهمها فيما يلي:

أولا:– رغبتي الشديدة المستمرة في دراسة موضوع يتصل بالقرآن الكريم وربطه بعلم التصوف، إذ شرف العلم بشرف موضوعه.

ثانيا: إن موضوع الدعاء في الخطاب الصوفي، لم يحظ بدراسة أسلُوبية بحسب المصادر التي راجعتُها، بل لم ينل حقه حتى من الدراسة الموضوعية الفنية، العلمية المنهجية، بوصفه أسْلُوبا إنشائيا، وفنيا أدبيا، مما يجعل درسه موضوعا جديدا، يُسهم في إبراز خصائصه الأسلوبية، وسماته الفنية.

ثالثا: إن موضوع الدُّعاء، يجمع بين بُعدين قيمين: البُعد الديني التعبدي، والبعد الأسلوبي الفني، وهذا يجعل البحث بين مغنمتين قيمتين هما: التعبد إلى الله بالدُّعاء، والتذوق الأسلوبي الفني لنص تخاطبي جليل.

رابعا: الإسهام في خدمة الموروث الأدبي الصوفي للمكتبة العربية، في مجال اللغة عامة، والأدب خاصة.

 والبحث في الخطاب الصوفي اشتمل على مختلف الأشكال التعبيرية منها الدعاء ولاشك أن هذا التوظيف لم يكن عشوائيا بقدر ما كان عن سابق تدبُّر وتفكُّر ويؤكد هذا اهتمام المتصوفة بدقائق الأمور المتصلة بعلمهم علم الباطن فقد جعلوا لكل مكونات خطابهم مرجعية وأساسا يستند عليه.

إشكال الموضوع:

انبثق إشكال الموضوع الذي عالجناه من مجموعة من الأسئلة؛ منها ما أثير خلال فترة التكوين في وحدة ماستر الأدب العربي في المغرب العلوي. ومنها ما جاء نتيجة الاطلاع على بعض المراجع التي لها علاقة بالدعاء في الخطاب الصوفي، ومنها ما نتج عن تتبع المفاهيم البلاغية .

– فما هي أهم القضايا البلاغية التي تناولها الدعاء في الخطاب القرآني والخطاب الصوفي؟ وما هي مقاصدهما؟

– وهل كانت الأدعية في تلكم القضايا أصيلةً أم هي منقولة عن غيرهم من المؤلفين؟

– وما هي المقاصد التربوية التي يتضمنها الدعاء في الخطاب الصوفي؟ وما هي التوجيهات الإصلاحية التي عالجها؟

– وهل النص الصوفي تأثر بآيات الدعاء في خطابه ؟ وإذا كان نعم إلى أي حد يمكن اعتبار النص الصوفي يمتح من النص القرآني؟

– وما تجليات متانة خطاب الدعاء في نصوص الأوراد الأحزاب والتّصليات ؟

وإلى أي حد شكل الدعاء غذاءً روحيا لشيوخ الزوايا ؟ علما أن جل النصوص التي بقيت إلى يومنا هذا كانت جلها مليئة بالأدعية التي تعالج الأزمات والأيام الصعاب والمحن التي تمر منها الزوايا في مواجهة المستعمر الغاصب؟

تصميم الأطروحة

اقتضت طبيعة البحث، أن يكون في مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، أما المقدمة فبينت فيها أهمية الموضوع ودواعي اختياره، وأهدافه، والدراسات السابقة له، وأهم ما تميز به من غيره، وأجزاءه التي تكون منها، ومنهج الدراسة، ونوع المصادر التي أفدت منها في جمع معلوماته.

بعدها قسمنا الأطروحة إلى أربعة فصول:

عنونا الفصل الأول، ب”بلاغة الدعاء في الخطاب القرآني والصوفي: دراسة في المفاهيم” حيث سعينا إلى تحديد مفهوم الدعاء والبلاغة ومفهوم التصوف، ، دون أن نَغْفَل الجانب النقدي لدارسي هذه المفاهيم الثلاثة، ثم قمنا بإبراز الجوانب التربوية والمقاصدية التي يملكها الدعاء في حياة كل سالك إلى الله، كما تطرقنا إلى اهتمام الجيل الأول بالدعاء وجعلُه سلاحَ كل بلاء، مع التطرق لخصائص الخطاب الصوفي بالمغرب وذكر الفرق بينه وبين الخطاب القرآني.

أما الفصل الثاني من الأطروحة فقد تناول موضوع “بلاغة الدعاء في الصلاة المشيشية” خصصنا فيه الحديث عن معاني التصلية ومكانتها في نصوص الأوراد وآدابها وكيف ظهر نص التصلية في المغرب مع إبراز علاقتها بالتوسل والدعاء والمناجاة من حيث توسيع المفهوم ليشمل الصورة البلاغية معاً والتطرق لشروح هذا النص الدعائي، وذكر أهم الخصائص الأسلوبية التي جاءت في نص الشيح ابن مشيش رحمه الله.

فيما سمينا الفصل الثالث بِـ “بلاغة الدعاء في دلائل الخيرات” ناقشنا فيه مقاصد المعنى والمبنى في دلائل الخيرات، وكيفية تشكله، وآلياته، ثم المقاصد والأغراض المراد التوصل إليها من الرسائل الضمنية المنضوية في النص، والمتمثلة في الافتقار إلى الله ، والتقرب إليه وطلب الشفاعة من خاتم النبيئين ودفع المضار وجلب المنافع وكذلك جعل الدعاء رابطة بين ذوي السابقة من الأنبياء والأولياء والأصفياء، وكيفية إسهام تلك المقاصد في تشكيل بلاغة المعنى في الخطاب الصوفي للدعاء والتصلية وامتداد هذا النص رغم بعدنا عنه لمدة طويلة، علما أن النص لا زال قائما في أوراد شيوخ التصوف، فتناولنا المؤلف والمؤلف بنظرة جديدة وذلك بإبراز مستويات الدرس اللغوي في دلائل الخيرات، والأبعاد الجمالية وبلاغة التصلية.

أما الفصل الرابع فعنوناه “بلاغة الدعاء في توسل الناصري سيدي محمد بن ناصر الدرعي رحمه الله ” حيث لاحظنا أن هذه الشخصية لم تنل حقها من الدراسة. ولا تستقيم الدراسة إلا بتناول هذا الدعاء من جوانب مختلفة تفرض سلطتها على القارئ، مما يخلِّفُ في نفسه أثراً عميقاً ليس من السهل تجاهله، فتطرقنا لحياة الشيخ وتكوينه العلمي والتربوي ومكانته الروحية في الزوايا ، ثم ذَكَرنَا أنماط الدعاء ومضامينه في توسل سيدي محمد بن ناصر،  ثم ختمنا الفصل بمعالجة المقاربة الأسلوبية في هذا الدعاء ومقارنته بالنص القرآني كونه يقتبس العديد من المصطلحات من الخطاب القرآني مع ذكر أهم المقاصد البلاغية في الدعاء عموما .

وأنهينا الدراسة بخاتمة بيننا فيها أهم النتائج العامة التي توصلنا إليها.

منهج البحث:

رأينا أن نعتمد على منهج يتشكل من أدواتٍ متعددة من بينها الاستقراء والموازنة والنقد.

فأما الاستقراء فأفدتُ منه في تتبع الموضوعات البلاغية التي نالت نصيبا من مسألة الدعاء في الخطاب الصوفي وشغلت حيزا كبيرا، كما أفدتُ منه في تتبع حضور نصوص الدعاء وشروحه البلاغية رغم أنها قليلة على المستوى البلاغي.

وأما الموازنة فيبدو أثرها واضحا في المباحث التي خصصتها للخصائص الأسلوبية في نصوص الدعاء؛ إذ كنتُ أوازن بين المصطلح واقتباساته في النص القرآني لتَبيُّن أوجهِ التشابه والاختلاف وجوانبِ التميز والتحيز.

وأما النقد فقد اعتمدتُه منذ الصفحات الأولى للبحث حيث قوَّمتُ ما بدا لي من أخطاء في الدراسات التي اطلعتُ عليها وكان موضوعها بلاغة الدعاء، كما اعتمدتُه في تعاملي مع المتن الصوفي نفسه؛ إذ كانت قراءتي للدراسات التي درست النمص الصوفي مصحوبة بقلم النقد والتقويم.

نتائج الدراسة آفاق البحث

– أولا:  إن هذه الدراسة اهتمت بتحديد مصطلح الدُّعاء، وحدت له حداً جامعاً مانعاً، بينتْ من خلاله ما دخل إلى التعريف وما خرج عنه.

– ثانيا: إن هذه الدراسة صنفت بحسب المظاهر الأسلوبية الموجودة في نصوص الدُّعاء، وليس بحسب موضوعاته، أو أصناف الداعين، وأنماط مطالبهم، وغير ذلك من الاعتبارات التي نجدها في بعض الدراسات السابقة .

– ثالثا: إن الدراسات السابقة كانت تختص بجانب معين من الدُّعاء على وفق حدودها المقررة في العنوان، فتدرس فقهه، أو دلالاته الإيمَانية أو تركيبه النحوي، أما  هذه الدراسة فقد جعلت نصوص الدُّعاء مادة درْسِها الأسلوبي، لتشمل النص الدعائي وجماليته وتأثيره، فتنطلق منه وتعود إليه .

  • رابعا: إن هذه الدراسة جاءت لتحقيق الهدف الذي حددته بمنهج واضح المعالم، يرجو الباحث أن تكون مكملة لتلك الدراسات من ناحية وفاتحة لدراسات أخرى يتطلَّبها النص الدعائي خاصة، والنص الصوفي عامة.

خامسا: إنّ خطاب الدعاء في الأدب الصوفي ينبني على أسس ووحدات كبرى منها ما هو بنائي معماري، وعلائقي تخاطبي، وما هو معنوي مثل: الهيللة والتوحيد الإلهي، والنص القرآني، وتعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه، وتعظيم الولي بالدعاء له. ومنها ما هو لغوي تركيبي تجلى في بنيات الطلب والتوسل، والتكرار، والتقابل مع الائتلاف، والتداخل النصي، إضافة إلى النمط السردي، وسلطان بلاغة الفكرة أو الصورة المعنوية، مع حضور الصورة اللفظية البديعية والبيانية بحسب النصوص وإمكانات

– ساسا: لقد جمع خطابُ الدعاء بين سرد صفات الرّسول صلى الله عليه وسلم وفضائله، وشكوى النفس الأمارة بالسوء والدُّعاء وجوابه، وتصريح بالهدف الدرعي ونُشدَان التغيير الواقعي الأشمل، يتخذ غاية له توجيها للكيان الإنساني نحو الكمال. فكان الدعاء ذا بلاغة وظيفية ترتبط بالحياة وتفاصيلها تنشد إخضاعها لمنظورات الدين والفلسفة عامة.

– سابعا: استطاع أدب الدعاء أن يرسم تميزه في لوحة الأدب المغربي المنظوم والمنثور إن في المعاني والأفكار أو المباني والأساليب، وسواء كان موضوعه إلهيا أم محمديا أم ولويا أم مشتركا بين تلك الذوات المرجعية في الدعاء.

  • ثامنا: إن الدعاء أدب ذوقي وجداني صادق أخلاقيا وفنيا يستبطن بشكل منظم تجربة روحية تتغير تجاوز الواقع الفعلي للموجودات التي كشف واقعها الجوهر وأصلها الصافي المقدس، ومأواها النقي في الروح الإنسانية، مسخرة لأجل ذلك كل الطاقات التعبيرية والمكونات اللغوية والأدبية في أجوائها المألوفة وغير المألُولفَة النابِعة من خصوصية التجربة الصوفية.

أخيرا: تهيمن لغة الرمز والإشارة على لغة المطابقة والعبارة، وتحضر حضورها الغلاب في خطاب الدعاء، وفي أدب التَّصْليات.

الآفاق التي يفتحها البحث

إننا لا ندعي أن بحثنا قد استشرف جميع القضايا التي يثيرها الدعاء وبلاغة الخطاب الصوفي، فالنتائج التي انتهت إليها هذه الدراسة يمكن أن تكون منطلقات لأبحاث أخرى تتولى تحليل وتأويل الخطاب الصوفي في التراث النثري العربي وتحليله من زوايا مختلفة. وحافزا لنا أيضا لتتبع مسير البحث، حيث يمكن أن يكون أفقا من آفاق الدراسات البلاغية .

    في الختام  أغتنم الفرصة لأوجه الشكر الجزيل لوالدتي، التي تدعو معي كل يوم خمس مرات والتي كان لها الفضل بعد الله في استكمال هذه الأطروحة لما بذلت معي والله تعالى أسأل أن لا يحرمني بِرّها ورِضاَهَا.

كما أشكر كافة أفراد عائلتي الكبيرة والصغيرة، وخصوصا إخواني وأخواتي وكل من ساهم في تربيتي الروحية.

كما لا تفوتني الفرصة بأن أتقدم بأسمى آيات الشكر والامتنان والتقدير والمحبة إلى الذين حملوا أقدس رسالة في الحياة، إلى الذين مهدوا لنا طريق العلم والمعرفة إلى جميع أساتذتنا الأفاضل، الذين أخذت عنهم واستفدت منهم.

كما يسعدني أن أجدٍّد شكري للسادة أعضاء اللجنة العلمية لتقبلهم مناقشة هذه الأطروحة، وأن أستمع إلى ملاحظاتكُم وتوجيهاتكُم وتصويباتكُم التي لاشكَّ ستُغني هذا العمل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله رب العالمين.

كتابة تعليق

ضع تعليقك هنا

Previous Post Next Post