اقرا ايضا

ندوة علمية وطنية حول: « استقلال القضاء بالمغرب: المسار والرهان »، بتاريخ 28 فبراير 2019 FSJES Tetouan


نظمت شعبة القانون الخاص بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، ومجموعة البحث: المشاكل الاقتصادية والقانونية والاجتماعية المعاصرة؛ بشراكة مع نادي قضاة المغرب والمنتدى العالمي للأساتذة الباحثين في العلوم القانونية، ندوة علمية وطنية حول: « استقلال القضاء بالمغرب: المسار والرهان »، بتاريخ 28 فبراير 2019، بقاعة الندوات برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، ابتداء من الساعة الثامنة والنصف صباحا.

وقد انطلقت أشغال الندوة بآيات بينات من الذكر الحكيم، قبل أن تفتتح بكلمة السيد عميد الكلية الأستاذ الدكتور محمد العمراني بوخبزة؛ الذي أبرز دور هذه الندوة من خلال ملامستها لمسار استقلالية القضاء والإجابة على الإشكالات ذات الصلة، في إطار جلسة افتتاحية ترأسها الأستاذ الدكتور أحمد الوجدي رئيس شعبة القانون الخاص، لتمرر الكلمة للدكتور عبد اللطيف الشنتوف رئيس نادي قضاة المغرب؛ حيث أشار إلى تميز الندوة بمشاركة باحثين من أقطاب جامعية مختلفة، وتختتم الجلسة بكلمة الأستاذ الدكتور نور الدين الفقيهي الكاتب العام للمنتدى العالمي للأساتذة الباحثين في العلوم القانونية.

وقد ترأس الجلسة الأولى الدكتور نور الدين الفقيهي، في حين تولت الأستاذة سمية الشرقاوي الباحثة بمركز دراسات الدكتوراه في القانون والاقتصاد والتدبير بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان مهمة مقررة، والتي افتتحت بمداخلة الدكتور بلال العشيري، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصاد والاجتماعية السويسي بالرباط، حيث ناقش الموضوع من خلال « قراءة في دستور 2011 وحدود الاستقلال »، فتطرق لمفهومين لاستقلال القضاء، الاستقلال المؤسساتي والذي قصد به أن تكون السلطة القضائية مستقلة عن باقي السلط وقادرة على تنظيم نفسها والمساهمة في وضع ميزانيتها، والاستقلال الفردي الذي يعني استقلال القضاة كأشخاص أو أفراد، كما تطرق لعلاقة السلطة القضائية بالملكية، وعلاقة السلطة القضائية بالإعلام.

وبعدها، تناول الكلمة الدكتور محمد بنحساين، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصاد والاجتماعية بتطوان، والمنسق البيداغوجي لماستر قانون الأعمال، الذي طرح موضوع » القضاء من دوريات وزيرية توجيهية إلى مقررات قضائية موجِّهة »، متوقفا على عمل الوزارة على إصدار دوريات للقضاة واعتبر ذلك مرحلة انتقالية، حيث تساءل عن مدى ضمان هذا الانتقال لاستقلال القضاء، كما أشار إلى أننا لسنا أمام استقلال حقيقي بدليل وجود مجموعة من الثغرات الأمر الذي يتطلب مزيدا من العمل للاقتراب من هذا الاستقلال.

وأثار الأستاذ محمد المنصوري، رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بتطوان، في مداخلته حول « الحكامة الجيدة كمدخل لاستقلال السلطة القضائية »، مجموعة من الإكراهات التي اعترضت اللجنة الوطنية التي أوكل لها أمر إصلاح منظومة العدالة، كما أشار إلى المبادئ الأساسية لتحقيق الحكامة، ومنها التعددية والتشاركية، المحاسبة، النجاعة، الشرعية والشفافية؛ ومدى حاجة القضاء لها، وكونها حلا لمختلف معضلاته.

كما أوضح الدكتور زكرياء خليل، أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، نائب عميد الكلية، عضو المجلس الاداري للمنتدى العالمي للأساتذة الباحثين في العلوم القانونية، في مداخلته حول » تفعيل آليات مكافحة الفساد كضمانة لاستقلال القضاء في المغرب »بأن استقلال القضاء ركيزة من الركائز الأساسية لتكريس دولة الحق والقانون، وتطرق في عرضه للتدابير المتعلقة بمكافحة فساد الأجهزة القضائية في إطار ترسيخ سياسة فعالة ووطنية لمكافحة الفساد.

أما الدكتور مصطفى حسيني، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصاد والاجتماعية بتطوان، رئيس المنتدى الأورو متوسطي للتشريع المقارن، فقد أشار في مداخلته الموسومة بـ » الأمن القضائي وتحدياته في ضوء التجربة المغربية « ، إلى أن الأمن القضائي يعكس مدى الثقة في السلطة القضائية، كما طرح مجموعة من الإشكالات حول استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية، وحول الأهلية والكفاءة والفساد بكل أنواعه، وفي عرضه تطرق للتحديات التي تعترض الأمن القضائي والتي ركز فيها على مشاكل عدم وجود قضاء متخصص، والنقص الكبير والمهول للقضاة، وإشكالية جودة الأحكام وتنفيذها، ودعا في الأخير إلى التفكير في وضع آليات لمحاربة الفساد بكل أنواعه.

واختتمت الجلسة الأولى بمداخلة الدكتور أشرف جنوي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصاد والاجتماعية بمراكش، حول « التعليق على الأحكام القضائية واستقلال القضاء »، الذي ركز على وجوب فرض رقابة على العمل القضائي؛ تتمثل في رقابة وظيفية ورقابة رأي، كما تساءل حول مدى امكانية التعليق على القرارات، وحدود هذا التعليق، وفي هذا الإطار تطرق إلى رأيين مختلفين حول التعليق على الأحكام القضائية ذهب الأول إلى معارضة ذلك استناد على أن التعليق يؤدي إلى ضياع هيبة القضاء من خلال الفهم الخطأ، في حين أيد الرأي الثاني التعليق على الأحكام القضائية استناد إلى أنه لا يوجد نص تشريعي يمنع من التعليق، كما لا يوجد عموما أي نص قانوني يجرم التعليق. أما فيما يخص حدود التعليق على الأحكام القضائية، فقد أشار إلى أنه لا يجب التعليق على الأحكام التمهيدية ولا المساس بالحياة الخاصة للأفراد، حيث إن التعليق يجب أن ينصب على المظهر الخارجي للحكم.

وفي الأخير، فتح باب المناقشة للحضور، الذي أبان عن التفاعل المتميز للطلبة والطلبة الباحثين بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، حيث أشاد بذلك الأساتذة المحاضرون.

أما الجلسة الثانية للندوة فقد ترأستها الدكتورة حسناء القطني، أستاذة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، فيما تولت مهمة مقررة الجلسة الأستاذة نجاة التريوس باحثة بمركز دراسات الدكتوراه في القانون والاقتصاد والتدبير بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان. 

استهلت هذه الجلسة بمداخلة الدكتورة نزهة الخلدي، أستاذة باحثة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان والكاتبة العامة لمركز الدراسات والأبحاث في المواطنة والحكامة والتنمية؛ حول »العمر الافتراضي للقضية بين إكراهات الواقع واستقلال السلطة القضائية »، تطرقت فيها إلى تأصيل مفهوم العمر الافتراضي للقضية على المستويين الدولي والوطني من أجل حسن تدبير الزمن القضائي ومدى أهمية ذلك في تسريع إصدار القاضي للحكم داخل أجل معقول، كما عرجت للحديث عن أهم الإكراهات التي تعيق ذلك والتي ينتج عنها البطء في إصدار الأحكام الذي يؤدي لا محالة إلى فقدان ثقة المواطن في جهاز القضاء، كما أشارت في حديثها إلى التبليغ باعتباره أهم عائق إجرائي وما ينجم عنه من صعوبات تؤدي إلى عدم توصل المتقاضي باستدعاء الحضور للمحكمة، وختمت مداخلتها بأهم الاقتراحات التي دعت من خلالها إلى ضرورة القيام بمجموعة من الإصلاحات تروم تسريع الإجراءات وصدور الحكم في أجل قصير يتوافق مع متطلبات التقاضي في اتجاه تعزيز ثقة المواطن بالقضاء. 

وتواصلت الندوة بكلمة الدكتور عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي قضاة المغرب، والأستاذ الزائر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط؛ الذي تفضل بالحديث عن »الجمعيات المهنية القضائية واستقلال القضاء: المسار والرهان »، إذ تطرق للإطار القانوني الذي يِؤطر هذه الجمعيات مميزا بين ما يسري عليه ظهير 1958 المتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات، وما يشمله الفصل 111 من الدستور المغربي لسنة 2011، كما انتقل للحديث عن مسار الجمعيات المهنية للقضاة واصفا ولادتها بالعسيرة منذ إنشائها في الستينات من القرن الماضي إلي حين صدور دستور 2011.

أما الدكتور هشام العزوزي، أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، ففي مداخلته حول »استقلالية القضاء بين المسؤولية والفعالية » ناقش مسؤولية ضمان استقلال القضاء من الناحية الخارجية والداخلية، مع إشارته إلى مسؤولية القضاة والإجراءات التأديبية عند إخلالهم بالواجب المهني الذي يقضي بالتطبيق العادل للقانون مع إلزام القاضي بالتحلي بأخلاق المهنة، في حين انتقل للحديث عن فعالية القضاء المتجلية في الكفاءة التي يجب أن تتوفر في القاضي لاتخاذ القرار في وقت معقول إضافة إلى توفير الموارد اللازمة وفقا لمتطلبات الاكراهات الميدانية. 

كما تقدم الدكتور عبد الاله المحبوب، أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، والإطار السابق بمديرية الشؤون المدنية بوزارة العدل، بمداخلة حول موضوع: »التزامات القضاة أخلاق وسلوك » تعرض فيها إلى أهم المبادئ المتضمنة في مدونة السلوك القضائي والالتزامات التي يجب على القاضي احترامها في تطبيقه للقانون، وتخليقا للقضاء، وتحقيقا لمبدأ الاستقلالية، موضحا بالأمثلة مدى انعكاس ذلك على جودة الأحكام القضائية. 

واختتمت فعاليات الجلسة الثانية بمداخلة الأستاذ بدر اعليلوش الباحث بمركز دراسات الدكتوراه في القانون والاقتصاد والتدبير، بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، حول: »واجب السلطة القضائية في تخليق القضاء رافعة لاستقلاله »، تناول فيها مفهوم تخليق القضاء مع التركيز على مدى أهميته في مجال الاستقلالية، من خلال الحديث عن مدخلين للتخليق هما: نظام ولوج سلك القضاء، ونظام تكوين القضاة، مع دراسة لأهم الإشكاليات الناجمة عن ضعف نظم انتقاء القضاة وتكوينهم. وقد خلص إلى بعض التوصيات الواجب على المشرع الأخذ بها في مجال تخليق القضاء كضرورة إعادة النظر في نظام ولوج سلك القضاء برمته، تطوير مناهج التكوين والتكوين على الأخلاقيات، ودعم التكوين المستمر، وقد ختم مداخلته بالوقوف على ما جاء به ميثاق إصلاح منظومة العدالة في هذا السياق، معتبرا أنه يجسد، وهو بوصلة للمشرع، نظرة اتهامية للقضاة ويحملهم مسؤولية الانزياح عن مبدأ استقلال القضاء وما يعانيه من اختلالات. 

فيما تم بعد ذلك فتح الباب للحضور لمناقشة أهم الإشكالات الناجمة عن مبدأ استقلال السلطة القضائية والإجابة عنها من طرف الأساتذة المتدخلين. وفي الأخير، تم توزيع شواهد شكر وتقدير على مختلف المتدخلين والفاعلين الذين أسهموا في إنجاح هذا اليوم العلمي بامتياز.

كتابة تعليق

ضع تعليقك هنا

Previous Post Next Post